كانت تتنازعه عاطفتان : عاطفة الأبوة التي تلحف عليه في التمسك بالحياة من اجل العيش بجانب وحيدته " سلمى " وعاطفة الوطنية التي تدعوه للاستجابة لنداء الوطن الذي يدعوه للذود عنه ، والفناء في سبيله .

 

تقول : أبـــي والحــــــربُ بَيْني وبَينـــــهَا

 

فوا لهــف نفســـــي من حليفين فـي حـــربِ

" أبي " لا " أبي " كانت ، ولا كانَ رجعـها

 

تـَرَدِدَها " لمي " فـَـتـَـذهـَــــبُ باللـُّــــــــــبِ

رأتْ عَينــِــــــيهَا عيني فلـــــم تبكِ مُثلها

 

ولكن بكــــــاء الشيــــــــخ مثل بالقلـــــــبِ

أهبتُ بها : سلمـــى , أفيقي , دعي البكا

 

فما الذنب إن كفكفــــــــت دمعك بالذنـــــبِ

فلا الحرب ما أخشى ولا الخطــــب إن مشت

 

إلى به الهيجــــــاء عنـــــــدي بالخطــــــبِ

وقـَفـْت لك الآمال لا كنـــت إن سمـــــعت

 

إلى غيـــــرك الآمال يا ســـــــــلم في دربِ

ولكن ما حالي إذا مـــــــت وانبـــــــــرت

 

تقاذفــــــــــك الأنواء في لجــــة الكــــــربِ

ســــــأبقى فلا الأيام إن جـــــد عتبــــــها

 

بحائلة بينـــــــــي وبينك بالعتـــــــــــــــــب ِ

وأدفـــــعُ ما تخشين عنك فــــــــــلا ترى

 

ـ على البعد ما تخشين ـ عيني أو القــــرب ِ

وبَينا يناغــــــي الشـــــيخ سلماه أشعلت

 

مراجـــــــلها الهيجاء بالذعر والرعـــــــبِ

وأظلمــــــت الدنيا فلـــــــــــم يَبرّ مَنْ بها

 

من الناس إلا من دجـــــى الحرب في ثوبِ

وصـــــــاح نذير القــــــــوم إن جد جدها

 

فشـــــــــدوا فقد آن الأوان بني العـــــــربِ

وَضَحوا فإنَّ العُمـــــــرَ ـ إن باتَ بالأسى

 

أخو العمر ـ لا يجدي كمَنْ باتَ في النـــدبِ

فدبت دبيب الروح  يا شيـــــــخ نشـــــوة

 

أعادت له عزم الشبــــيبة في الشيـــــــــب ِ

فصاح بها : ســـلمى أعيــــــدي لي القنا

 

فما الحرب إن أقدمــــــت تفتـــــــك بالندبِ

أعدي لي الصمصام فالركــــب قد مضى

 

لألحق من قبل العشــــــــــية بالركـــــــــبِ

فقومي يا ســـــلمى يهدهده الأســــــــــى

 

وقومي به لا يســــتقر علـــــــى جنــــــــبِ

كأطيار أيك عضـــــها البؤس فانبـــــرت

 

على الأيك تشكو من حــــــواصلها الزغبِ

وَعيني رضيتُ اللعـــــــــــن إن بت خالياًَ

 

وبات وجيع القلــــــب بالعار والعيـــــــــبِ

دَعيني أعــشُ حُراً لقــَـــــــــومي فديتهم

 

وأهلي وخـــــــلاني الميامين والصحــــــبِ

لا وحر من عـــــــــــادى بلادي ومن بها

 

أقام لهتك العرض والســـلب والنهـــــــــبِ

وإن مِتُ يا ســـــلمى ففي ذمــــــــة الذي

 

رعى الخلـــــود ما أودعت من غابر الحب ِ

 

 

 ناجي

 عبدا لنبي عبد القادر
السودان