المدخل إلى نظرية النقد النفسي

زين الدين المختاري

الجمعة 12 كانون الثاني (يناير) 2007, بقلم المركز المتعدد الوسائط


إنّ صلة علم النفس بالأدب والنّقد صلةٌ ممتدة الجذور في التّراث الإنساني، وخصوصاً تلك التي تربط الأدب بصاحبه. وهذا التراث واسع، لا يُمكن حصره في صفحات قليلة، لأنّ القائمة طويلةٌ، تضمّ عدداً غير قليلٍ من أسماء الفلاسفة وعلماء النفس، فضلاً عن النّقاد والأدباء والفنّانين.

ويُمكن استشفاف تلك الصّلة -إن تلميحاً أو تصريحاً- عند أفلاطون في موقفه من الفنّ والأدب، وعند أرسطو في نظريّة "التّطهير" وعند من سار على سَمْتِهما مثل: أفلوطين، وهو راس، وبوالو، وهيجل، وكانط، وشوبنهور وبرجسون، وكروتشه.. وعند علماء النفس، مثل: فرويد، ويونغ، وأدلر، وشارل بودوان، وشارل مورون.. وغير هؤلاء كثيرٌ، يُضاف إليه عددٌ لا حصر له من النّقاد والفنّانين الذين تأثّروا بالمنهج النفسي في دراسة الأدب وشخصيات الأدباء، غير أن البداية الحقيقية لنضج علم النفس وتطوّر علاقته بالأدب والنّقد، كانت في النّصف الأوّل من هذا القرن، سواءٌ عند الغربيين أم عند العرب.

ولا نعدم بعض ملامح النّقد النّفسيّ عند النّقاد العرب القدامى، نذكر منهم على الخصوص: ابن قتيبة (ت 276هـ) في كتابه "الشعر والشعراء"، والقاضي الجرجاني (ت 393هـ) في كتابه "الوساطة..." وربما كانت الملامح النفسية( ) أوضح عند عبد القاهر الجرجاني (ت471هـ) في كتابيه "دلائل الاعجاز" و"أسرار البلاغة". بيد أن الانطلاقة الحقيقيّة للنّقد النّفسيّ، كانت في العصر الحديث على يد جماعة الدّيوان 1921م، ومن حذا حذوها من أساتذةٍ جامعيّين وأكادميّين، ولعلّ الطّابع المميّز لهذه الجماعة ومن جاء بعدها، هو الانكباب على دراسة شعراء متميزين تجلّت في سلوكهم وفي شعرهم النّزعة الفرديّة( ).

http://www.awu-dam.org