الترديد :

 من الأنواع البديعبة التي ابتكرها أبو هلال العسكري ( ت 395 هـ ) وقد سماه " المجاورة " - قبل أن يعرف باسم الترديد عند من جاؤوا بعده - وهو عنده ( تردد لفظتين في البيت ، ووقوع كل واحدة منهما بجانب الأخرى أو قريبًا منها من غير أن يكون إحداهما لغوًا لا يحتاج إليها ، وذلك كقول علقمة :

ومطعم الغنم يوم الغنم مطعمه ** أنى توجه والمحروم محروم

فقوله : ( الغنم يوم الغنم ) مجاورة ، و ( المحروم محروم ) مثله .


وقد عرفه ابن رشيق ( ت 456 هـ ) بقوله : ( أن يأتي الشاعر بلفظة متعلقة بمعنى ، ثم يردها بعينها متعلقة بمعنى آحر في البيت نفسه أو في قسيم منه كقول زهير :

من يلق يومًا على علاته هرمًا ** يلق السماحة منه والندى خلقًا


غير أن ابن سنان الخفاجي - معاصر ابن رشيق - ( ت 466 هـ ) رفض هذا اللون لأنه لا يتعلق بنقد الكلام ، فالتأليف فيه كسائر التأليف في الألفاظ التي لا تستحق به حمدًا ولا ذمًا ، ولا يكسبها حسنًا ولا قبحًا . وأنا أميل إلى هذا الرأي .



علمًا بأن ابن المعتز - واضع علم البديع ومبتدئ التأليف فيه - هو الذي فتح الباب لغيره من النقاد والبلاغيين أن يضيفوا ما يرونه على ماجاء به ، حيث قال : ( اقتصرنا بالبديع على الفنون الخمسة اختيارًا من غير جهل بمحاسن البديع و لا ضيق في المعرفة فمن أحب أن يقتدي بنا فليفعل ، ومن أضاف إلى هذه المحاسن أو غيرها شيئًا إلى البديع فله الإختيار ) ؛ وهذه الخمسة هي : ( الاستعارة - التجنيس - المطابقة - رد الأعجاز على ما تقدمها - المذهب الكلامي )

وقد كانت هذه الدعوة من ابن المعتز وبالاً على فن البديع ، إذ تبارى البلاغيون في التقسيم والتشقيق حتى بلغ الأمر عند أسامة بن منقذ ( ت 584 هـ ) إلى مائتين وخمسة وتسعين بابًا في البديع .



وكلمة " البديع " آنذاك أي عند المتقدمين من البلاغيين لم تكن تعني علم المحسنات البديعية بمعناه الضيق عند متأخريهم ؛ بل كانت تطلق على الجديد المخترع ، والطريف من ألوان البلاغة عمومًا ، أي أن البديع في ذلك الوقت كان مرادفًا للبلاغة .[/align]