اكتشاف قصر ومسجد في مدينة مورسيا تعود للمرابطين
اكتشاف قصر ومسجد في مدينة مورسيا تعود للمرابطين
احتجاجات ضد قرار الحكومة المحلية بنقل الآثار العربية من مكان الاكتشاف
| ||
|
اكتشفت مؤخرا أسفل موقع مشروع مرآب متعدد الطوابق في مدينة مورسيا جنوب شرقي إسبانيا أطلال لمسجد ومقبرة وحمام عام تعود للقرن التاسع عشر ولعهد دولة المرابطين التي حكمت المنطقة لسنوات.
وبدأ العثور على هذا الكشف المهم أسفل قصر سان استيبان الذي يعود بناؤه للقرن السابع عشر ويستخدم حاليا كمقر للحكومة المحلية ويشغل مساحة فدان كامل. وقد شهدت مدينة مورسيا خلال الأيام الأخيرة سلسلة من الاحتجاجات ضد قرار الحكومة المحلية الخاص بنقل هذه الآثار العربية تقدم به الحزب الشعبي المعارض. وكان الحزب الشعبي المعارض قد خطط منذ عدة سنوات لإقامة مرآب متعدد الطوابق تحت الأرض في نفس مكان الاكتشاف المذهل حيث عرض بالفعل مسؤول الحزب ميغل أنخل كامارا كحل لهذه المشكلة رفع هذه الأنقاض وإعادة تشييدها بعد ترميمها فوق مشروع الجراج. غير أن الجدل حول المشروع بدأ منذ 6 أشهر بعد اكتشاف أن الأثر الموجود أسفل المشروع ليس إلا مدخلا لاكتشاف أكبر بكثير من مجرد أطلال.
وأبرز علماء الآثار أهمية هذا الكشف الذي يتمثل في قرابة الخمسين منزلا وعدد من القصور ودور الضيافة يرجح من زخرفتها وفخامة البناء أنها كانت تستخدم في استقبال كبار الشخصيات. وتكتمل خريطة الموقع بالعثور على ميدان صغير ومصلى لا يزال يحتفظ بقاعدة مئذنته دقيقة الصنع ومقبرة صغيرة يرجح العثور فيها على نحو 30 جثة لعرب دفنوا بها منذ ذلك الحين. ويعتبر الخبراء أن «العصر الذهبي» للعرب في مورسيا، عندما كانت مملكة يحكمها ملك هودي وولف والمرابطون. وقال الأستاذ خافيير غارسيا ديل تورو إنه من المتوقع أن تخرج من الحفريات في منطقة القصر في الموقع الذي يحيط بقصر سان استيبان آثار هائلة «أعلى بعشر مرات» مما تم العثور عليه حتى الآن، وهنالك مغامرة للاكتشافات وشيكة؛ متعدد الأقواس المفصصة، والبلاط الجص الملون، والأقواس المغاربية مع البيضاء والحمراء. واقترح تقرير قطاع الفنون الجميلة والآثار بالحكومة المحلية لمدينة مورسيا رفع هذه الآثار من تحت الأرض والبدء في ترميمها وعزلها أو القضاء على آثار الرطوبة بها لحمايتها من التعرض لمزيد من التلف على أن يتم بعد تشييد الجراج إقامة حديقة أثرية مفتوحة فوقه توضع بها الآثار التي تم العثور عليها في قلب المدينة. غير أن هذا القرار الفني التقني لم يرق لكثير من علماء الآثار الذين طلبوا بإلحاح الاحتفاظ بالآثار في مكانها رافضين أي محاولة لنقل الآثار أو تفكيكها وإعادة تركيبها في مكان آخر، معربين عن قلقهم من إمكانية تدميرها. كما اعتبروا أن هذا القرار غير المسبوق من شأنه أن يضع مدينة مورسيا وإسبانيا كلها في موقف محرج أمام العالم. من جانبها أعربت بلدية المدينة والحكومة المحلية عن ارتياحها للتقرير وعن التوصيات التي قدمها للحفاظ على الآثار وإمكانية تحقيق ذلك مع استمرار أعمال المشروع وهو ما أيده المسؤول الثقافي ومسؤول الحزب الشعبي رافضين أي انتقادات للتقرير الفني بهذا الشأن. غير أن الجدل لا يزال قائما حول المشروع، كما ازدادت أعداد الأصوات الرافضة للمشروع ومقترحاته التوافقية ومن بينها أصوات خبراء آثار وعلماء من المركز الأعلى للبحث العلمي وأساتذة وأكاديميين مرموقين بالإضافة على عدد من السياسيين من الحزب الحاكم وحزب اليسار المتحد ونشطاء حقوق البيئة. في الوقت نفسه أطلقت مجموعة من رجال الفكر والثقافة بمدينة مورسيا حملة لجمع توقيعات أكبر قدر ممكن من المعارضين للمشروع تمهيدا لإلغائه.. كما تم إنشاء مجموعة على شبكة التواصل الاجتماعي «فيس بوك» انضم إليها حتى الآن أكثر من 5000 عضو معارض للمشروع. وقد تفجر الموقف مبكرا وبدأت مواجهات بالفعل بين معارضي ومؤيدي المشروع عندما اكتشف المعارضون قيام شركة تابعة للبلدية بالبدء في نقل بعض الأطلال من موقعها مما دفعهم للتقدم بشكوى رسمية أمام الحرس المدني. ولم تكتف المجموعة المعارضة للمشروع بهذه الشكوى بل دعت لتنظيم سلسلة من الاحتجاجات في مدينة مورسيا بدأت منذ اليوم أمام موقع الكشف مؤكدين استمرار التظاهرات لتجنب تكرار حادثة مماثلة وقعت في سبعينات القرن الماضي عندما دمرت مشروعات البلدية عددا من الحمامات العربية بالمدينة.