حوار مع الدكتور آذرشب حول التطورات الأخيرة في العالم الإسلامي

كيف تقوّمون الحالة القائمة في العالم
العربي من خلال ما يظهر على الساحة من ثورات؟ مما لا شك فيه
أن الذي يحدث اليوم على الساحة يبيّن بشكله العام أن شعوب المنطقة قد نهضت من
سباتها وعادت إلى الحركة والحياة، وهذا ما كان غائبًا إلى حدٍّ كبير خلال العقود
الماضية، ومن العجيب أن هذه الثورات انفجرت في وقت كان قد تصور فيه الاستكبار
العالمي والصهيونية أن عهد الثورات قد انقضى، وأصبحت كل مقدرات العالم العربي
والإسلامي طوع أيديهم، هذا التصوّر حدث لهم بعد أن أحاطوا الثورة الإسلامية
الإيرانية بأنواع الشبهات والتهم ابتداءًا من الإرهاب ومرورًا بمعاداة الحريات
وبالدكتاتورية وبالطائفية والعنصرية!! ظانين أن كلّ ذلك قد خلق نوعًا من الإحباط في
نفوس أبناء الأمة، وخلق يأسًا من كل تحوّل ثوري في المنطقة. لكن الذي حدث هو انفجار
هذه الثورات من قواعد مكرهم..من تونس ومصر:
قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ.
مصداق هذه الآية الكريمة حدث من قبل في إيران إذ انطلقت ثورتها بعد معاهدة كمب ديفيد بوقت قليل، فالمعاهدة المذكورة أيضًا خلقت نوعًا من اليأس والإحباط في نفوس أبناء الأمة، بعد أن اتجه النظام في مصر،وهي رأس الحربة في النضال ضد الصهيونية، إلى الاستسلام، لكن انفجار الثورة الإسلامية في أهم قواعد التآمر الأمريكي والصهيوني قد بدّد هذا اليأس لأمدٍ، غير أن قوى الطغيان سارعت إلى احتواء الموقف والتعتيم على ثورة الإسلام في إيران، وأحاطتها بألوان الحروب العسكرية والإعلامية والاستخباراتية فاستطاعت أن تسطير على الموقف في بلدان عديدة، ولو أنها فشلت في غيرها مثل لبنان وفلسطين.
إن الذي يحدث اليوم على الساحة العربية إنما هو عودة الأمور إلى طريقها الصحيح، وعودة الأمة إلى استئناف مسيرتها الحياتية والحضارية.
قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ.
مصداق هذه الآية الكريمة حدث من قبل في إيران إذ انطلقت ثورتها بعد معاهدة كمب ديفيد بوقت قليل، فالمعاهدة المذكورة أيضًا خلقت نوعًا من اليأس والإحباط في نفوس أبناء الأمة، بعد أن اتجه النظام في مصر،وهي رأس الحربة في النضال ضد الصهيونية، إلى الاستسلام، لكن انفجار الثورة الإسلامية في أهم قواعد التآمر الأمريكي والصهيوني قد بدّد هذا اليأس لأمدٍ، غير أن قوى الطغيان سارعت إلى احتواء الموقف والتعتيم على ثورة الإسلام في إيران، وأحاطتها بألوان الحروب العسكرية والإعلامية والاستخباراتية فاستطاعت أن تسطير على الموقف في بلدان عديدة، ولو أنها فشلت في غيرها مثل لبنان وفلسطين.
إن الذي يحدث اليوم على الساحة العربية إنما هو عودة الأمور إلى طريقها الصحيح، وعودة الأمة إلى استئناف مسيرتها الحياتية والحضارية.
هل هناك في رأيكم أخطار تهدد هذه الثورات؟
بالتأكيد الأخطار التي تهدّدها كبيرة، فطغاة العالم لا يقفون مكتوفي الأيدي من هذه الظاهرة الكبرى. هؤلاء الآن يستخدمون كلّ ما أعدّوه من خطط لهذه المنطقة لينفّذوه بسرعة وبدقّة سواء على الصعيد العسكري أو الإعلامي أو الثقافي، بل سيدفعون بكلّ العملاء والمرتزقة والمهزومين ليخوضوا معركة ضدّ عودة الأمة إلى حياتها.
ونحن نرى اليوم بأم أعيننا دخول الناتو باسم الدفاع عن الثورة ليدمّر ويعيث في الأرض الفساد كما يحدث في ليبيا، وما كان الناتو يوما مدافعًا عن شعوب المنطقة ولا عن ثورات هذه الأمة.
ونحن نرى أيضًا استغلال فرصة الهياج الجماهيري للانتقام من أنظمة الممانعة الصامدة بوجه العدوّ الصهيوني كما يحدث في سوريا.
كما نرى محاولات لإضفاء طابع الطائفية على المطالبات العادلة للشعوب الثائرة كما يحدث في البحرين.
من هنا فإنّ الصحوة الكبرى تتحمل اليوم مسؤولية تشخيص عدوّها الحقيقي ومسؤولية عدم الانزلاق في المطبات التي يضعها أعداؤها أمام مسيرتها..وعلماء الأمة يتحملون القسط الأكبر من هذه المسؤولية.
هل لهذه الثورات من آثار على مستقبل الاحتلال
الاسرائيلي؟
لا شك أن الاحتلال الإسرائيلي حدث في فترة من أحلك فترات تاريخ الأمة. الانهيارات التي حدثت في العالم الإسلامي بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، وما أدت إليه من تجزئة وتقسيم وهيمنة استعمارية وفّرت الفرصة لهذا الاحتلال، من هنا فإن دولة الصهاينة ستفقد مبررات وجودها بعد أن تعود الحياة ويقظة الشعور إلى الأمة الإسلامية. طبعًا وجود الدولة الصهيونية غير مبرر أصلاً لأنها دولة عنصرية والدولة العنصرية مرفوضة في القوانين الدولية ويجب أن تتفتت كما تفتتت دولة التمييز العنصري في جنوب أفريقيا، وهي دولة احتلال والاحتلال لابد من زواله ،وهي دولة ارهاب وغصب وقتل وتشريد، وكل ذلك مرفوض دوليًا، ثم هي أصلاً ليست بدولة لأن الدولة تتميز بوجود حدود وهويّة، والكيان الغاصب ليس له حدود ولا هويّة..إنّ هذا الكيان السرطاني يحمل كل عوامل زواله وفنائه في داخله وفي محيطه الدولي والإقليمي، لكنه كان يستمدّ بقاءه المهزوز من ضعف العالم العربي والإسلامي، والآن وقد جاءت الصحوة لتبشّر بزوال هذا الضَعف، فليس ثمة مبرر لبقائه ولا توجد دعامة لوجوده، الاّ إذا استطاعت الصهيونية لا سمح الله أن تعيد حالة الإحباط والتراجع والاستسلام للشعوب المسلمة.
لا شك أن الاحتلال الإسرائيلي حدث في فترة من أحلك فترات تاريخ الأمة. الانهيارات التي حدثت في العالم الإسلامي بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، وما أدت إليه من تجزئة وتقسيم وهيمنة استعمارية وفّرت الفرصة لهذا الاحتلال، من هنا فإن دولة الصهاينة ستفقد مبررات وجودها بعد أن تعود الحياة ويقظة الشعور إلى الأمة الإسلامية. طبعًا وجود الدولة الصهيونية غير مبرر أصلاً لأنها دولة عنصرية والدولة العنصرية مرفوضة في القوانين الدولية ويجب أن تتفتت كما تفتتت دولة التمييز العنصري في جنوب أفريقيا، وهي دولة احتلال والاحتلال لابد من زواله ،وهي دولة ارهاب وغصب وقتل وتشريد، وكل ذلك مرفوض دوليًا، ثم هي أصلاً ليست بدولة لأن الدولة تتميز بوجود حدود وهويّة، والكيان الغاصب ليس له حدود ولا هويّة..إنّ هذا الكيان السرطاني يحمل كل عوامل زواله وفنائه في داخله وفي محيطه الدولي والإقليمي، لكنه كان يستمدّ بقاءه المهزوز من ضعف العالم العربي والإسلامي، والآن وقد جاءت الصحوة لتبشّر بزوال هذا الضَعف، فليس ثمة مبرر لبقائه ولا توجد دعامة لوجوده، الاّ إذا استطاعت الصهيونية لا سمح الله أن تعيد حالة الإحباط والتراجع والاستسلام للشعوب المسلمة.
هل سيكون لهذه الثورات من تأثير على وحدة المسلمين؟
الأصل في العلاقة بين الشعوب الإسلامية أن تكون موحّدة، كتابهم المقدس وهو القرآن يدعو إلى ذلك، والسنّة تدعو إلى ذلك، وما بينهم من مشتركات هائلة في العواطف والأفكار والآلام والآمال كلها تدفع في اتجاه الوحدة. وما نراه من تمزّق طائفي وقومي وإقليمي إنّما هو خلاف ذلك الأصل. والانحراف عن ذلك الأصل يعود إلى ضمور الحياة الإسلامية في نفوس المسلمين.
بالمناسبة أذكر أن المشروع الإسلامي يمكن تلخيصة بكلمة واحدة وهي«الحياة» لقوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ فالهدف النهائي لدعوة الإسلام هي«الحياة»، والحياة في جسد الأمة تؤدّي إلى ارتباطها عضويًا، وإلى هذا يشير الحديث الشريف: «مثل المؤمنين في توادّهم وتحاببهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
الأمة المسلمة هي أمة حيّة، والأمة الحيّة موحّدة، وبقدر ما كانت الأمة تعيش الإسلام فكرًا وروحًا وشعورًا كانت فيها حياة، وبقدر ما فيها من حياة تتجلى فيها الوحدة.
من هنا فإن حالة التشرذم التي عاشها المسلمون ولا تزال بقاياها ورواسبها قائمة هي نتيجة الابتعاد عن الحياة الإسلامية. هذه الثورات في العالم العربي تنبيء بعودة الروح والحياة وبعودة اللحمة الإسلامية وزوال حالة التفرقة والتشرذم بأنواعها الطائفية والقومية والإقليمية.
المشروع الإسلامي يدعو البشرية إلى أن تكون العلاقة بينها علاقة تبادل معرفي أو تعارف بالتعبير القرآني: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ هذا هو المستوى الحضاري الذي يستهدفه الإسلام على الساحة العالمية، إنه يريد أن يرفع البشرية عامة إلى مستوى من الكمال بحيث تحلّ بينهم علاقات تبادل معرفي.. علاقات أخذ وعطاء.. ومن الأولى أن يرتفع المسلمون إلى هذا المستوى الحضاري. هذه الثورات تضخّ الحياة في شرايين الأمة وسوف تؤدي حتمًا إلى التحام المسلمين.. لكنّ هذا الالتحام قد يتأخّر بسبب مخلفات عصور النوم والغفلة، وبسبب ما سيعمد إليه أعداء الأمة من تعبئة جميع خيلهم ورجلهم لإثارة الفتن والحزازات.
أنت تتحدث عن الثورات في العالم العربي وكأنها ثورات إسلامية بينما نرى الشعارات المرفوعة تتوجه غالبًا نحو المطالبة بالحرية والديمقراطية والعيش الكريم!
كلّ شعار فيه معنى العودة إلى الحياة بين المسلمين هو شعار إسلامي، ويعبّر عن إرادة العودة إلى الحياة الإسلامية.. بداية لابدّ أنك شاهدت المظاهر الإسلامية في المظاهرات والمسيرات والتجمعات من مثل الانطلاق من المساجد، وبعد صلاة الجمعة، وإقامة صلاة الجمعة في ميادين التجمعات، وإلقاء خطب الجمعة بروح ثورية.
ثم إن المطالبات التي ذكرتها تصبّ جميعًا في عبارة واحدة هي المطالبة بكرامة الإنسان وعزّته، وهل الإسلام إلاّ مشروع تحقيق كرامة الإنسان وعزّته؟! حتى المطالبة بالخبز يصبّ أيضًا في دائرة الكرامة. لقد حاول الإعلام الغربي أن يصف ثورة تونس في البداية بأنها ثورة الخبز،لما كان يلوّح به بعض المتظاهرين من رغيف الخبز، غير أن الجماهير في هذا البلد أبت إلاّ أن تسمي ثورتها ثورة الكرامة. التلويح بحرمان الشعب من ضروريات المعيشة، لا يعني الثورة من أجل إشباع البطن، بل يعني الثورة من أجل العدالة الاجتماعية والاقتصادية. لا يمكن أن نسمي ثورة أبي ذر الغفاري بأنها ثورة الجياع، بل هي ثورة من أجل تحقيق أهمّ قيم الإسلام وهي العدالة الإنسانية.
الشعب المصري واجه ارتفاع أسعار الخبز مرتين. ولكنه وقف في كل منهما موقفًا يختلف عن الآخر تمامًا، مرة في زمن عبدالناصر، حين فرضت القوى الكبرى حصارها على مصر، في محاولة لتهديد هذا الشعب بالجوع، وحينها خرجت الجماهير المصرية إلى الشوارع تطالب عبدالناصر بالصمود وتعلن عن استعدادها للجوع ولمواجهة ألوان التحديات. وفي المرة الأخرى ارتفعت أسعار الخبز في زمن السادات فخرجت الجماهير غاضبة ساخطة في ثورة سميت بثورة الجياع، وانتقمت من نظام السادات بكل ما أوتيت من قوة آنذاك، ذلك لأن الجوع ما كان مقرونًا هنا بالعزة بل بالذلّة التي جلبها السادات على مصر وشعب مصر.
لقد حاولت القوى المضادة أن تضفي على الثورات العربية صفات غير واقعية، قالوا إنها نتيجة الأموال التي أغدقتها أمريكا على مؤسسات المجتمع المدني في هذه البلدان من أجل نشر الوعي الديمقراطي والليبرالي فيها! والواقع كما قال البروفسور أبو يعرب المرزوقي أن هذه الأموال كانت قد اتجهت لمحاربة الثورة ولمحاربة الالتزام بالهوية الوطنية والإسلامية.
ماهو دور الشباب والطلبة في هذه الثورات وفي المحافظة على مكتسباتها؟ واضح أن هذه الثورات كانت ثورات الشباب، وجميع الأحزاب والمؤسسات كانت وراء هؤلاء الشباب وفي الصفوف الخلفية لهم. ولقد رأينا على شاشات التلفزيون ما أعاد لنا ذكريات الثورة الإسلامية في إيران. الشباب الذي أُريد له أن يعيش لشهواته وأهوائه ودوافعه المنخفضة، عاد إلى حياته الإنسانية فأصبح يتجه نحو أهداف كبرى، ويتحلّى بمناقبية كبرى.
ويتعالى ويتسامى حتى صار مَثَلُه الأعلى أهم من حياته. الظروف التي توفّرت في شارع الثورة نضّجت هذا الشباب وأدخلته في دورة مكثفة من تكوين الشخصيّة استطاع فيها أن يمرّ بليلة القَدر من عمره، التي تعادل ألف شهر بل هي خير من ألف شهر. هذا الشباب أعاد الأمل إلى هذه الأمة والثقة بنفسها والإيمان بمستقبلها. وسيكون له في المستقبل الدور الطليعي الرائد، وسيكون له الموقف الذي لا يهادن ولا يداهن ولا ينفعل ولا يتهيب من ضجيج الطغاة وتخويفهم وإرعابهم، بل سيمضي على بصيرة من أمره، محققًا آمال أمته في العزّة والكرامة إن شاء الله تعالى.
نشكرك جزيل الشكر لإتاحتك هذه
الفرصة رغم مشاغلك الكثيرة.
+ نوشته شده در ۱۳۹۰/۰۵/۰۹ ساعت 18:57 توسط دكتر علي ضيغمي
|