الانسجام فی الشعر
انتهى ما أوردته
من الانسجام المنثور وأما الانسجام فی النظم فقد تقدم وتقرر أن أصحاب
المذهب الغرامی هم سكان بیوته العامرة وكناس آرامه التی هی غیر نافرة
ولكن العرب على كل تقدیر ملوك هذا الشان وقلائد هذا العقیان وقد عن لی
أن أذكر هنا ما فروا به من وعر التركیب وشرعوه فی أبیاتهم على سهل
الانسجام وأركض فی أثر هذه الأبیات بسوابق الفحول فإنها أبیات لها حرمة
وذمام وأعرج بعد ذلك على البیوت الغرامیة وأتنسم أخبار الهوى العذری من بین
تلك الخیام فمن الانسجام الذی وقع للعرب وكاد أن یسیل رقة لسهولته قول
امرئ القیس فی معلقته أغرك منی أن حبك قاتلی وأنك مهما تأمری
القلب یفعل وقوله من غیر المعلقة أجارتنا إنا غریبان
ههنا وكل غریب للغریب نسیب ومثله فی الانسجام والرقة قول طرفة
بن العبد فی معلقته فإن كنت لا تسطیع دفع منیتی فدعنی
أبادرها بما ملكت یدی
ومثله قوله منها
وظلم ذوی القربى أشد مضاضة على الحر من وقع الحسام المهند
ومثله قوله منها فإن مت فانعینی بما أنا أهله وشقی علی الجیب یا أم
معبد ومثله قوله منها ستبدی لك الأیام ما كنت جاهلا ویأتیك
بالأخبار من لم تزود ویأتیك بالأنباء من لم تبع له بتاتا
ولم تضرب له وقت موعد لعمرك ما الأیام إلا مفازة فما
اسطعت من معروفها فتزود عن المرء لا تسأل وسل عن قرینه
فكل قرین بالمقارن یقتدی ومثله فی لطف الانسجام قول زهیر بن أبی
سلمى فی معلقته ومن هاب أسباب المنایا ینلنه ولو رام أسباب
السماء بسلم ومن یك ذا فضل فیبخل بفضله على قومه یستغن
عنه ویذمم ومن یغترر یحسب عدوا صدیقه ومن لا یكرم نفسه لا
یكرم ومن لم یذد عن حوضه بسلاحه یهدم ومن لا یظلم الناس
یظلم ومن لا یصانع فی أمور كثیرة یضرس بأنیاب ویوطأ بمنسم
ومن یجعل المعروف من دون عرضه یفره ومن لا یتق الشتم
یشتم سئمت تكالیف الحیاة ومن یعش ثمانین حولا لا أبا لك
یسأم وأحسن ختامها فی الانسجام بقوله وأعلم ما فی الیوم
والأمس قبله ولكننی عن علم ما فی غد عمی ومثله قول لبید بن
ربیعة من معلقته فاقنع بما قسم الملیك فإنما قسم الخلائق
بیننا علامها وإذا الأمانة قسمت فی معشر أوفى بأعظم حظنا
قسامها ومن الغایات فی باب الانسجام قول عنترة فی معلقته
فإذا شربت فإننی مستهلك مالی وعرضی وافر لم یكلم وإذا
صحوت فما أقصر عن ندى وكما علمت شمایلی وتكرمی ومن ذلك قول
عمرو بن كلثوم فی معلقته لنا الدنیا ومن أضحى علیها ونبطش حین نبطش
قادرینا إذا ما الملك سام الناس خسفا أبینا أن یقر الخسف فینا
إذا بلغ الفطام الطفل منا تخر له الجبابر ساجدینا
ملأنا البر حتى ضاق عنا وظهر البحر نملؤه سفینا ألا لا
یجهلن أحد علینا فنجهل فوق جهل الجاهلینا ومثله قول الحرث بن
حلزة فی معلقته وهی المعلقة السابعة لا یقیم العزیز فی البلد
السهل ولا ینفع الذلیل النجاء ومن الانسجامات التی عدها صاحب
المرقص والمطرب من المطرب قول زهیر تراه إذا ما جئته متهللا
كأنك معطیه الذی أنت سائله ومن الانسجامات المعدودة من المرقص قول
النابغة الذبیانی وإنك كاللیل الذی هو مدركی وإن خلت أن
المنتأى عنك واسع ومن الانسجام المعدود من المطرب قول حسان بن
ثابت رضی الله عنه أصون عرضی بمالی لا أدنسه لا بارك الله بعد
العرض فی المال أحتال للمال أن أودى فأكسبه ولست للعرض
إن أودى بمحتال وعدوا من الانسجام المرقص قول كعب بن زهیر
ولا تمسك بالعهد الذی وعدت إلا كما یمسك الماء الغرابیل ومن
المطرب قول الشماخ إذا ما رایة رفعت لمجد تلقاها عراته
بالیمین ویعجبنی من لامیة العرب قول الشنفری بن مالك وفی
الأرض منأى للكریم عن الأذى وفیها لمن خاف القلى متحول ومثله من لامیة
العجم وإن تأخر عصرها إن العلى حدثتنی وهی صادقة فیما تحدث أن
العز فی النقل لو أن فی شرف المأوى بلوغ منى لم تبرح
الشمس یوما دارة الحمل وعدوا من الانسجام المطرب قول مجنون لیلى
فی قصیدته المشهورة وقد خبرونی أن تیماء منزل للیلى إذا ما
الصیف ألقى المراسیا فهذی شهور الصیف عنا ستنقضی فما
للنوى ترمی بلیلى المرامیا أعد اللیالی لیلة بعد لیلة وقد
عشت دهرا لا أعد اللیالیا وأخرج من بین البیوت لعلنی
أحدث عنك النفس یا لیل خالیا ألا أیها الركب الیمانون عرجوا
علینا فقد أمسى هوانا یمانیا یمینا إذا كانت یمینا فإن تكن
شمالا ینازعنی الهوى من شمالیا أصلی فما أدری إذا ما
ذكرتها اثنتین صلیت الضحى أم ثمانیا خلیلی لا والله لا
أملك الذی قضى الله فی لیلى ولا ما قضى لیا قضاها لغیری
وابتلانی بحبها فهلا بشیء غیر لیلى ابتلانیا ولو أن واش
بالیمامة داره وداری بأعلى حضرموت اهتدى لیا وماذا لهم لا
أحسن الله حالهم من الحظ فی تصریم لیلى حبالیا وددت على
حبی الحیاة لو أنه یزاد لها فی عمرها من حیاتینا على أننی
راض بأن أحمل الهوى وأخلص منه لا علی ولا لیا إذا ما
شكوت الحب قالت كذبتنی فما لی أرى الأعضاء منك كواسیا فلا حب
حتى یلصق الجلد بالحشا وتذهل حتى لا تجیب المنادیا ومن المرقص
فی باب الانسجام قول كثیر عزة ولما قضینا من منى كل حاجة
ومسح بالأركان من هو ماسح أخذنا بأطراف الأحادیث بیننا وسالت
بأعناق المطی الأباطح
وعدوا من المطرب فی باب الانسجام قول جریر إن العیون التی فی طرفها حور قتلننا ثم لم یحیین قتلانا یصرعن ذا اللب حتى لا حراك به وهن أضعف خلق الله أركانا وعدوا من المطرب قول بشار بن برد إذا جئته فی حاجة سد بابه فلم تلقه إلا وأنت كمین ومن انسجامات نسیبه التی لیس لها مناسب قوله هل تعلمین وراء الحب منزلة تدنی إلیك فإن الحب أقصانی ومثله قوله أنا والله أشتهی سحر عینیك وأخشى مصارع العشاق ومثله قوله وإنی امرؤ أحببتكم لمكارم سمعت بها والأذن كالعین تعشق ویعجبنی من لطیف الانسجام قول العباس بن الأحنف أفدی الذین أذاقونی مودتهم حتى إذا أیقظونی للهوى رقدوا واستنهضونی فلما قمت منتصبا بثقل ما حملونی منهم قعدوا ومثله قوله لولا محبتكم لما عاتبتكم ولكنتم عندی كبعض الناس ومثله قوله طاف الهوى فی عباد الله كلهم حتى إذا مر بی من بینهم وقفا ومثله قوله وسعى بنا واش فقالوا إنها لهی التی تشقى بها وتكابد فجحدتهم لیكون غیرك ظنهم إنی لیعجبنی المحب الجاحد تقدم لهذین البیتین نكتة لطیفة تؤید تأكید انسجامهما وعذوبة ألفاظهما وهی أنه رفع للرشید موت العباس وإبراهیم الموصلی المعروف بالندیم والكسائی وهشیمة الخمارة فی یوم واحد فأمر المأمون أن یصلى علیهم فخرج فصفوا بین یدیه فقال
من الأول فقالوا إبراهیم الموصلی فقال أخروه وقدموا العباس بن الأحنف فقدم وصلى علیه فلما فرغ وانصرف دنا منه هاشم بن عبد الله الخزاعی فقال یا سیدی كیف آثرت العباس بالتقدیم على من حضر فقال بقوله وسعى بنا واش البیتین ثم قال أتحفظهما فقلت نعم فقال ألیس من قال هذا الشعر أولى بالتقدیم فقلت بلى والله یا سیدی انتهى وقد تقدم قولی وتكرر إن أصحاب الطریق الغرامیة هم موالی رقیق الانسجام وتجار سوقه ولولا نسمات أنفاسهم ما تنسمنا أخبار الحمى وتغزلنا فی سفحه وعقیقه وقد ألجأتنی ضرورة الجنسیة إلى ضم المتقدمین مع المتأخرین لئلا ینفرط لعقودها نظام وإذا أخرت من تقدم وأوردت له غیر الطریق الغرامی كان جل القصد من ذلك معرفة أنواع الانسجام فمن الانسجام الغرامی قول الشریف الرضی وهو الذی قال فی حقه الثعالبی فی كتاب الیتیمة هو أشعر الطالبیین قدیما وحدیثا على كثرة شعرائهم المفلقین ولو قلت إنه أشعر قریش لم أبعد عن الصدق والقول الموعود بإیراده قوله نسرق الدمع فی الجیوب حیاء وبنا ما بنا من الأشواق لا أذم السراء فی طلب العز ولكن فی فرقة العشاق یوم لا غیر زفرة من فؤاد ذی قروح ورشقة من مآق والثرى منتش یعاقره السیر دما جاریا بأیدی النیاق أمعینی على بلوغ الأمانی وشفائی من علتی واشتیاقی أینعت بیننا المودة حتى جللتنا والزهر بالأوراق كم مقام خضنا حشاه إلى اللهو جمیعا واللیل ملقى الرواق ومزجنا خمر الرضابین فی الرشف برغم المدام تحت العناق قم نبادر رمی الظلام ببین بسهام الخطوب فی الاتفاق واغتنمها قبل الفراق فما نعلم یوما حتى یكون التلاقی نحن غصنان ضمنا عاطف الوجد جمیعا فی الحب ضم النطاق فی جبین الزمان منك ومنی غرة كوكبیة الائتلاق كلما كرت اللیالی علینا شق منا الوفاء جیب الشقاق أیها الرائح المغذ تحمل حاجة للمتیم المشتاق أقر منی السلام أهل المصلى فبلاغ السلام بعض التلاقی وإذا ما مررت بالخیف فاشهد أن قلبی إلیه بالأشواق وإذا ما سئت عنی فقل نضو هوى ما أظنه الیوم باقی وابك عنی فطالما كنت من قبل أعیر الدموع للعشاق ومثله قوله من أبیات سهمك مدلول على مقتلی فمن یرى سهمك یا قاتل لیس لقتلی ثائر یتقی ولیس فی سفك دمی طائل قد رضا المقتول كل الرضا واعجبا لم سخط القاتل ومثله قوله من أبیات نكست لحظ العین حین خطا والبین یرمقنی ویرمقه أذبت دمعی یوم ودعنی فی صحن خد ذاب رونقه واللثم یركض فی سوالفه یكاد خیل الدمع یسبقه ومثله قوله خذی نفسی یا ریح من جانب الحمى فلاقی به لیلا نسیم ربی نجد فإن بذاك الحی حبا عهدته وبالرغم منی أن یطول به عهدی ولولا تداوی القلب من ألم الجوى بذكر تلاقینا قضیت من الوجد ومثله قوله من أبیات عارضا بی ركب الحجاز أسائله متى عهده بسكان سلع واستملا حدیث من سكن الجزع ولا تكتباه إلا بدمعی عزنی أن أرى الدیار بطرفی فلعلی أرى الدیار بسمعی ومن الانسجامات التی ینسجم الدمع لرقتها قول تلمیذه مهیار الدیملی ظن غداة البین أن قد سلما لما رمى سهما وما أجرى دما فعاد یستقری حشاه فإذا فؤاده من بینهم قد عدما یا قاتل الله العیون خلقت لو أخطا فكیف صارت أسهما أودعنی السقم وولى هازئا یقول قم واستشف ماء زمزما ولو أباح ما حمى من ریقه لكان أشفى لی من الماء اللما وا بأبی ومن یبیع بأبی على الظما ذاك الزلال الشبما كأنما الصهباء فی كافورة قد مزجت وجل عن كأنما ومثله قوله أستنجد الصبر فیكم وهو مغلوب وأسأل النوم عنكم وهو مسلوب وأبتغی عندكم قلبا سمحت به وكیف یرجع شیء وهو موهوب ما كنت أعلم ما مقدار وصلكم حتى هجرت وبعض الهجر تأدیب ومثله قوله وهو فی غایة اللطف بطرفك والمسحور یقسم بالسحر أعمدا رمانی أم أصاب ولا یدری رنا اللحظة الأولى فقلت مجرب وكررها أخرى فأحسست بالشر ومثله قوله فی اللطف من عذیری یوم شرفی الحمى من هوى جد بقلبی مرحا الصبا إن كان لا بد الصبا إنها كانت لقلبی أروحا یا ندامای بسلع هل أرى ذلك المغبق والمصطبحا
اذكرونا مثل ذكرانا لكم رب ذكرى قربت من نزحا وارحموا صبا إذا غنى بكم شرب الدمع وعاف القدحا منها وعرفت الهم مذ فارقتكم فكأنی ما عرفت الفرحا ومثله قوله من قصیدة بكر العارض یحدوه النعامن فسقاك الری یا دار أماما وتمشت فیك أرواح الصبا یتأرجن بأنفاس الخزامى قد قضى حفظ الهوى أن تصبحی للمحبین مناخا ومقاما وبجرعاء الحمى قلبی فعج بالحمى واقر على قلبی السلاما وترحل فتحدث عجبا إن قلبا سار عن جسم أقاما قل لجیران الغضى آها على طیب عیش بالغضى لو كان داما حملوا ریح الصبا من نشركم قبل أن تحمل شیحا أو ثماما وابعثوا أشباحكم لی فی الكرى إن أذنتم لجفونی أن تناما ومن الغایات فی باب الانسجام قول الوأواء الدمشقی بالله ربكما عوجا على سكنی وعاتباه لعل العتب یعطفه وحدثاه وقولا فی حدیثكما ما بال عبدك بالهجران تتلفه فإن تبسم قولا فی ملاطفة ما ضر لو بوصال منك تسعفه وإن بدا لكما فی وجهه غضب فغالطاه وقولا لیس نعرفه ومثله فی اللطف ورقة الانسجام قول الأرجانی حیتك غادیة الهوى من مربع رجعت عهودی فیك أم لم ترجع ما أسأروا فی كأس دمعی فضلة عنهم فأجعلها نصیب المربع لم یبكنی إلا حدیث فراقهم لما أسر به إلی مودعی هو ذلك الدر الذی ألقیتم فی مسمعی ألقیته من أدمعی ومثله قوله عوجا علیها أیها الركب لا عار أن یتساعد الصحب قد كان لی قلب ولا ألم والیوم لی ألم ولا قلب ومثله قوله أما الفؤاد فإنهم ذهبوا به یوم النوى فبقیت صفر الأضلع فكأننا لما عقدنا للنوى حلفا بغیر رهائن لم یقنع فرهینتی معهم فؤادی دائما والطیف من سلمى رهینتهم معی ومثله فی اللطف قول الطغرائی خبروها أنی مرضت فقالت أضنى طارفا شكا أم تلیدا وأشاروا بأن تعود وسادی فأبت وهی تشتهی أن تعودا وأتتنی فی خفیة وهی تشكو ألم البعد والمزار البعیدا ورأتنی كذا فلم تتمالك أن أمالت علی عطفا وجیدا وألطف منه بل من النسیم قوله بالله یا ریح إن مكنت ثانیة من صدغه فأقیمی فیه واستتری وراقبی غفلة منه لتنتهزی لی فرصة وتعودی منه بالظفر وباكری ورد عذب من مقبله مقابل الطعم بین الطیب والخصر ولا تمسی عذاریه فتفتضحی بنفحة المسك بین الورد والصدر
وعدوا من المطرب فی باب الانسجام قول جریر إن العیون التی فی طرفها حور قتلننا ثم لم یحیین قتلانا یصرعن ذا اللب حتى لا حراك به وهن أضعف خلق الله أركانا وعدوا من المطرب قول بشار بن برد إذا جئته فی حاجة سد بابه فلم تلقه إلا وأنت كمین ومن انسجامات نسیبه التی لیس لها مناسب قوله هل تعلمین وراء الحب منزلة تدنی إلیك فإن الحب أقصانی ومثله قوله أنا والله أشتهی سحر عینیك وأخشى مصارع العشاق ومثله قوله وإنی امرؤ أحببتكم لمكارم سمعت بها والأذن كالعین تعشق ویعجبنی من لطیف الانسجام قول العباس بن الأحنف أفدی الذین أذاقونی مودتهم حتى إذا أیقظونی للهوى رقدوا واستنهضونی فلما قمت منتصبا بثقل ما حملونی منهم قعدوا ومثله قوله لولا محبتكم لما عاتبتكم ولكنتم عندی كبعض الناس ومثله قوله طاف الهوى فی عباد الله كلهم حتى إذا مر بی من بینهم وقفا ومثله قوله وسعى بنا واش فقالوا إنها لهی التی تشقى بها وتكابد فجحدتهم لیكون غیرك ظنهم إنی لیعجبنی المحب الجاحد تقدم لهذین البیتین نكتة لطیفة تؤید تأكید انسجامهما وعذوبة ألفاظهما وهی أنه رفع للرشید موت العباس وإبراهیم الموصلی المعروف بالندیم والكسائی وهشیمة الخمارة فی یوم واحد فأمر المأمون أن یصلى علیهم فخرج فصفوا بین یدیه فقال
من الأول فقالوا إبراهیم الموصلی فقال أخروه وقدموا العباس بن الأحنف فقدم وصلى علیه فلما فرغ وانصرف دنا منه هاشم بن عبد الله الخزاعی فقال یا سیدی كیف آثرت العباس بالتقدیم على من حضر فقال بقوله وسعى بنا واش البیتین ثم قال أتحفظهما فقلت نعم فقال ألیس من قال هذا الشعر أولى بالتقدیم فقلت بلى والله یا سیدی انتهى وقد تقدم قولی وتكرر إن أصحاب الطریق الغرامیة هم موالی رقیق الانسجام وتجار سوقه ولولا نسمات أنفاسهم ما تنسمنا أخبار الحمى وتغزلنا فی سفحه وعقیقه وقد ألجأتنی ضرورة الجنسیة إلى ضم المتقدمین مع المتأخرین لئلا ینفرط لعقودها نظام وإذا أخرت من تقدم وأوردت له غیر الطریق الغرامی كان جل القصد من ذلك معرفة أنواع الانسجام فمن الانسجام الغرامی قول الشریف الرضی وهو الذی قال فی حقه الثعالبی فی كتاب الیتیمة هو أشعر الطالبیین قدیما وحدیثا على كثرة شعرائهم المفلقین ولو قلت إنه أشعر قریش لم أبعد عن الصدق والقول الموعود بإیراده قوله نسرق الدمع فی الجیوب حیاء وبنا ما بنا من الأشواق لا أذم السراء فی طلب العز ولكن فی فرقة العشاق یوم لا غیر زفرة من فؤاد ذی قروح ورشقة من مآق والثرى منتش یعاقره السیر دما جاریا بأیدی النیاق أمعینی على بلوغ الأمانی وشفائی من علتی واشتیاقی أینعت بیننا المودة حتى جللتنا والزهر بالأوراق كم مقام خضنا حشاه إلى اللهو جمیعا واللیل ملقى الرواق ومزجنا خمر الرضابین فی الرشف برغم المدام تحت العناق قم نبادر رمی الظلام ببین بسهام الخطوب فی الاتفاق واغتنمها قبل الفراق فما نعلم یوما حتى یكون التلاقی نحن غصنان ضمنا عاطف الوجد جمیعا فی الحب ضم النطاق فی جبین الزمان منك ومنی غرة كوكبیة الائتلاق كلما كرت اللیالی علینا شق منا الوفاء جیب الشقاق أیها الرائح المغذ تحمل حاجة للمتیم المشتاق أقر منی السلام أهل المصلى فبلاغ السلام بعض التلاقی وإذا ما مررت بالخیف فاشهد أن قلبی إلیه بالأشواق وإذا ما سئت عنی فقل نضو هوى ما أظنه الیوم باقی وابك عنی فطالما كنت من قبل أعیر الدموع للعشاق ومثله قوله من أبیات سهمك مدلول على مقتلی فمن یرى سهمك یا قاتل لیس لقتلی ثائر یتقی ولیس فی سفك دمی طائل قد رضا المقتول كل الرضا واعجبا لم سخط القاتل ومثله قوله من أبیات نكست لحظ العین حین خطا والبین یرمقنی ویرمقه أذبت دمعی یوم ودعنی فی صحن خد ذاب رونقه واللثم یركض فی سوالفه یكاد خیل الدمع یسبقه ومثله قوله خذی نفسی یا ریح من جانب الحمى فلاقی به لیلا نسیم ربی نجد فإن بذاك الحی حبا عهدته وبالرغم منی أن یطول به عهدی ولولا تداوی القلب من ألم الجوى بذكر تلاقینا قضیت من الوجد ومثله قوله من أبیات عارضا بی ركب الحجاز أسائله متى عهده بسكان سلع واستملا حدیث من سكن الجزع ولا تكتباه إلا بدمعی عزنی أن أرى الدیار بطرفی فلعلی أرى الدیار بسمعی ومن الانسجامات التی ینسجم الدمع لرقتها قول تلمیذه مهیار الدیملی ظن غداة البین أن قد سلما لما رمى سهما وما أجرى دما فعاد یستقری حشاه فإذا فؤاده من بینهم قد عدما یا قاتل الله العیون خلقت لو أخطا فكیف صارت أسهما أودعنی السقم وولى هازئا یقول قم واستشف ماء زمزما ولو أباح ما حمى من ریقه لكان أشفى لی من الماء اللما وا بأبی ومن یبیع بأبی على الظما ذاك الزلال الشبما كأنما الصهباء فی كافورة قد مزجت وجل عن كأنما ومثله قوله أستنجد الصبر فیكم وهو مغلوب وأسأل النوم عنكم وهو مسلوب وأبتغی عندكم قلبا سمحت به وكیف یرجع شیء وهو موهوب ما كنت أعلم ما مقدار وصلكم حتى هجرت وبعض الهجر تأدیب ومثله قوله وهو فی غایة اللطف بطرفك والمسحور یقسم بالسحر أعمدا رمانی أم أصاب ولا یدری رنا اللحظة الأولى فقلت مجرب وكررها أخرى فأحسست بالشر ومثله قوله فی اللطف من عذیری یوم شرفی الحمى من هوى جد بقلبی مرحا الصبا إن كان لا بد الصبا إنها كانت لقلبی أروحا یا ندامای بسلع هل أرى ذلك المغبق والمصطبحا
اذكرونا مثل ذكرانا لكم رب ذكرى قربت من نزحا وارحموا صبا إذا غنى بكم شرب الدمع وعاف القدحا منها وعرفت الهم مذ فارقتكم فكأنی ما عرفت الفرحا ومثله قوله من قصیدة بكر العارض یحدوه النعامن فسقاك الری یا دار أماما وتمشت فیك أرواح الصبا یتأرجن بأنفاس الخزامى قد قضى حفظ الهوى أن تصبحی للمحبین مناخا ومقاما وبجرعاء الحمى قلبی فعج بالحمى واقر على قلبی السلاما وترحل فتحدث عجبا إن قلبا سار عن جسم أقاما قل لجیران الغضى آها على طیب عیش بالغضى لو كان داما حملوا ریح الصبا من نشركم قبل أن تحمل شیحا أو ثماما وابعثوا أشباحكم لی فی الكرى إن أذنتم لجفونی أن تناما ومن الغایات فی باب الانسجام قول الوأواء الدمشقی بالله ربكما عوجا على سكنی وعاتباه لعل العتب یعطفه وحدثاه وقولا فی حدیثكما ما بال عبدك بالهجران تتلفه فإن تبسم قولا فی ملاطفة ما ضر لو بوصال منك تسعفه وإن بدا لكما فی وجهه غضب فغالطاه وقولا لیس نعرفه ومثله فی اللطف ورقة الانسجام قول الأرجانی حیتك غادیة الهوى من مربع رجعت عهودی فیك أم لم ترجع ما أسأروا فی كأس دمعی فضلة عنهم فأجعلها نصیب المربع لم یبكنی إلا حدیث فراقهم لما أسر به إلی مودعی هو ذلك الدر الذی ألقیتم فی مسمعی ألقیته من أدمعی ومثله قوله عوجا علیها أیها الركب لا عار أن یتساعد الصحب قد كان لی قلب ولا ألم والیوم لی ألم ولا قلب ومثله قوله أما الفؤاد فإنهم ذهبوا به یوم النوى فبقیت صفر الأضلع فكأننا لما عقدنا للنوى حلفا بغیر رهائن لم یقنع فرهینتی معهم فؤادی دائما والطیف من سلمى رهینتهم معی ومثله فی اللطف قول الطغرائی خبروها أنی مرضت فقالت أضنى طارفا شكا أم تلیدا وأشاروا بأن تعود وسادی فأبت وهی تشتهی أن تعودا وأتتنی فی خفیة وهی تشكو ألم البعد والمزار البعیدا ورأتنی كذا فلم تتمالك أن أمالت علی عطفا وجیدا وألطف منه بل من النسیم قوله بالله یا ریح إن مكنت ثانیة من صدغه فأقیمی فیه واستتری وراقبی غفلة منه لتنتهزی لی فرصة وتعودی منه بالظفر وباكری ورد عذب من مقبله مقابل الطعم بین الطیب والخصر ولا تمسی عذاریه فتفتضحی بنفحة المسك بین الورد والصدر
+ نوشته شده در ۱۳۹۰/۱۰/۲۴ ساعت 20:11 توسط دكتر علي ضيغمي
|