توظيف التراث في الشعر اليمني المعاصر
إن الشعر إثراء للحیاة، وما ینبع من تجربة الوعی الجمالی هو إثراء للشعر، والتراث أحد أوجه الجمال الإبداعی فی رصید الإنسانیة؛ ولذلك كان المهم التعرف على قدرة الشاعر فی استلهام التراث وتمثله فی الصیاغة والتعبیر، وتوظیف مرجعیاته المعرفیة فی خدمة النص، توظیفا لا یجهل روح التاریخ وأبعاد التجربة الإنسانیة بما تمتلكه من عمق وقدرة خلاقة أثبتتها عصور التراث، وبما یبعث فی الشاعر المعاصر مهارة تطویع المصادر التراثیة والمعرفیة لخدمة التجربة الشعریة للتعبیر عن رؤى الشاعر للحضارة وفهمه لأسرار الحیاة. ولأن المقصد من توظیف التراث فی الشعر هو تولید دلالات جدیدة فی التجربة الشعریة وإعادة خلق وإبداع فقد جاءت الدراسة لتتعرف مستوى التوظیف للتراث لدى الشاعر الیمنی المعاصر؛ فاستلهام الشاعر المعاصر للتراث من المفترض به ألا یقف عند مجرد تناول نصوصه على أی وضع كان بل لابد علیه أن یتجاوز فی استلهامه إلى روح التراث وأسلوبه وإمكاناته الفنیة المختلفة. ورجوع الشاعر المعاصر إلى التراث أملته ضرورات ومؤثرات تركت ظلالها على الشاعر العربی مما حدا به إلى هذا التوجه فی استلهام التراث. والشاعر الیمنی المعاصر كغیره من الشعراء العرب خضع لمؤثرات وظروف شكلت فی مجموعها دوافع للرجوع إلى التراث، ووضعته أمام حاجة ملحة للاستفادة من إمكاناته ومخزوناته وتجاربه التی تتسم – بسبب تجاوزها الزمانی والمكانی - بكثیر من النضج. لقد حرص الشاعر الیمنی على تجدید تجربته الشعریة وتوسیع دائرة الإبداع بتوظیف التراث بأشكاله المتعددة واعیا بما تقدمه هذه الأشكال التراثیة لتجربته المعاصرة، وفی الوقت ذاته مدركا لأهمیة التنوع فی مستویات خطابه الشعری. كل ذلك فی إطار الفهم الواعی والمتعمق لطبیعة التواصل مع التراث وأهمیته التی تحیل النص الشعری إلى صورة عاكسة لتلاحم الأزمنة وتلاقی الأفكار فی بوتقة الرؤیة الواحدة التی تسفر عنها التجربة. الدراسة التی نحن بصددها هدفت إلى التأكید من فرضیة مؤداها توظیف الشاعر الیمنی المعاصر للتراث من خلال عناصر ومضامین حددتها خطة الدراسة. وباستقراء توظیف الشاعر الیمنی لعناصر التراث فی شعره تبین : اتفاق نظر الدراسات اللغویة والاصطلاحیة إلى التراث على أنه انتقال ما تورث من تقالید وعادات وخبرات وفنون ومعارف من زمن إلى زمن، وبصفة مستمرة من مجتمع إلى مجتمع سواء كان هذا التراث مادیا أم معنویا. تباین الموقف من التراث بین الدارسین بین مؤید ورافض ومتوازن یرى أهمیة التراث والاستفادة من معطیات ویتطلع إلى الجدید ویواكبه. تضافرت عدة عوامل دفعت بالشاعر الیمنی المعاصر إلى استلهام التراث فی تجربته الشعریة تنوعت بین ثقافیة ترى أهمیة توسیع أفق الشاعر ومداركه ونفسیة تعین الشاعر على التخفیف من كآبته ومعاناته، وفنیة توفر له أدوات جدیدة مرنة، وقومیه تعید له الثقة برصیده القومی مقابل ثقافة المستعمر والوافد وسیاسیة أجبرت الشاعر على اتخاذ وسیط بینه وبین القارئ كان لكل ذلك أثر فی ربط الشاعر الیمنی بتراثه وماضیه. إن هناك تفاوت بین الشعراء فی توظیف مضامین التراث واستلهامها كثرة وقلة، وعمقا وسطحیة. التراث الدینی من أهم المصادر التی اعتمد علیها الشاعر الیمنی المعاصر لكونها ملیئة بالقیم والمعانی التی وجد فیها الشاعر ملاذه فی كثیر من معالجاته لقضایاه الشعریة فقد وظف القرآن الكریم من خلال اقتباس ألفاظه وتراكیبه، وضمن نصه الشعری منه وأضاء به جوانب التجربة، كما استفاد من القصص القرآنی فأشار إلى القصص المشهور واستوحى مغزاه وأكثر القصص تناولاً فی شعر الشاعر الیمنی هی قصة : سیل العرم، قصة نوح، وتحدیدا جانب الغرق والنجاة فیها والعصمة من الماء، قصة یوسف فی جوانب عدة السجن أهمها، وقصة موسى ، وقد جاء التوظیف لهذه القصص متواكبا مع توجه القصة القرآنیة تارة ومخالفا لها تارة أخرى، وقد تعددت وجوه النظر إلى القصة الواحدة بین الشعراء؛ فجاء توظیفها فی أكثر من زاویة من أحداثها ومغزاها. ومثلما اقتبس الشاعر من القرآن الكریم أشار إلى آیاته أیضا بذكر اللفظ أو المعنى، ولیس هناك تعیین لآیات بین الشعراء للإشارة إلیها مثلما حدث مع القصص القرآنی وإنما طبیعة التجربة وموضوعها هما اللذان یفرضان الاختیار على الشاعر لهذه الآیة أو تلك . والشاعر یعمد إلى إكساب المعنى القرآنی بعداً فی التجربة كما أن الشاعر وجد فی هذا التوظیف خصباً لكون المتلقی متهیئ لهذه الآیات وجدانیا وذهنیا، ویعد توظیف الحدیث الشریف أقل مقارنة بتوظیف القرآن الكریم . وقد رأى الشاعر الیمنی ما یقوم به الحدیث الشریف من دور فی تفسیر وشرح كثیر مما تشابه وغمض من القرآن الكریم وأحكامه ومعانیه ولمنزلته فی نفوس وقلوب المسلمین فهو یكسب باستدعائه الحدیث الشریف شعره قیمة من نواح متعددة الدلالیة منها التأثیریة واللغویة، والإفادة من فصاحته صلى الله علیه وسلم وحكمته وقمة بلاغته. وقد لوحظ أن عددا من الشعراء الیمنیین یوظف الحدیث الشریف سواء باستحیاء وصیة للرسول صلى الله علیه وسلم أو باستلهام قصة أو حادثة نبویة أو بمقولة أو تقریر قولی أو فعلی. وقد حرص الشاعر الیمنی المعاصر على تنویع لغته الشعریة ووجد فی تعدد مستویات النص اللغویة غنى لشعره ومناخاً رحباً للخلق والإبداع وكانت ضالته فی المعجم الصوفی والمفردة الدینیة فقد كان لهذا المعجم تأثیر فی شعره حیث أكسب لغته الغموض والرمز تارة والشفافیة والوضوح تارة أخرى عبر المفردة التی تسبر أغوار النفس وتغوص فی أعماقها بما تحمله من دلالة كثیفة؛ فهی تعمل على الكشف عن خوالج الشاعر وتجسدها وتفصح عن رؤیته الروحیة. كما أن اللغة الصوفیة بمفرداتها معراج إلى عالم آخر ینحو إلى الرفض والتمرد، وهی دعوة إلى العیش فی "یوتوبیا" خاصة مستقلة وذلك هو مآرب الشاعر الذی یؤثر الخیالی والهولامی الذی یخفف عنه وطأة الواقع. والشاعر الیمنی كثیرا ً ما وظف المفردة الدینیة والصوفیة فی شعره وقد بلغ استخدام المفردة الدینیة إلی حد صدور دواوین ذات نمط صوفی مثلما نجده فی دیوان أبجدیة الروح للمقالح وبعض القصائد لسائر الشعراء. والقول المأثور أحد عناصر التراث الدینی التی ساهمت فی تكوین النسیج الشعری لدى الشاعر الیمنی من خلال استقائه لأشهر المقولات العربیة والإسلامیة؛ فقد وظف مقولات لها شهرتها وتأثیرها فی الثقافة الدینیة ومنها : بقیة السیف أنمى عدداً، لو كان الفقر رجلاً لقتلته، كلكم خاتل صید غیر الهمام بن عبید..الخ. ومن المهم القول أن التوفیق قد جانب كثیراً من الشعراء فی استلهام التراث الدینی، فعلى سبیل المثال: افتقاد العمق فی توظیف اقتباس الآیات القرآنیة وعدم تمثلها فی النص حتى یضفی على النص قوة وتأثیرا. أسلوب الحشو الذی یحدث لبعض المفردات الدینیة والصوفیة عند بعض الشعراء وسطحیة تناولها. وبالنظر إلى توظیف عناصر التراث الدینی فقد كثر توظیف القرآن الكریم وخاصة الإشارة إلى القصص القرآنی، وقل استخدام الشعراء للحدیث الشریف. واعتبار الاستخدام السطحی لبعض عناصر التراث والإشارة إلیها مما لم یوفق إلیه بعض الشعراء یُعد مؤشر إخفاق فی استلهام التراث ذلك أن توظیف التراث یتمثل حقیقة فی إعادة إنتاجه بوعی من الشاعر ینم عن تواصل وفهم له واستیعاب، دون تلك الإفادات المتعثرة من التراث والتی لا تضفی على التجربة بُعداً ولا تضیف إلى التراث شیئاً. وتوظیف التراث لا یعنی الأخذ منه بقدر ما یعنی الإضافة إلیه أیضا. وبمعنى آخر إن توظیف التراث لا یعنی أن یتحول المعطی التراثی فی التناول الشعری إلى شواهد مبتورة عن عمقها. وجد الشاعر الیمنی دأبه - دأب غیره من شعراء عصره – وبغیته فی الوسیط بینه وبین المتلقی فی الرموز والشخصیات الأدبیة والتاریخیة التراثیة ووجد جامعاً بینه وبینها هو جامع المعاناة وامتهان الشعر وسیلة للتعبیر عن هذه المعاناة. وقد تنوعت شخصیات الشاعر الیمنی التی یستدعیها فی تجربته بین شخصیات أدبیة فمن الشخصیات الأدبیة وظف الشاعر الیمنی: الحطیئة ، والمعری، المتنبی. ومن خلال هذه الشخصیات بلور الشاعر رؤیته الخاصة فی شعره. وإلى جانب استلهام الشخصیات الأدبیة اتجه الشاعر نحو نصوص هذه الشخصیات الأدبیة، إذ لم یعد التعامل مع نص الآخر مما یعیب الشاعر المعاصر. والنص الأدبی والشعری لم یعد مغلفاً على ذاته بل أضحى نافذة یطل منها الشاعر على الثقافات الأخرى. وقد تمثلت طرق إفادة الشاعر الیمنی من النصوص: معارضة النصوص القدیمة. استحیاء الجو العام للقصیدة أو بعض أبیاتها (المعنى). تضمین القصیدة بعض النصوص القدیمة. وتجلت معارضة النصوص فی المعنى والتركیب الصیاغی والموسیقی وأحیانا تتم المعارضة بطریقة عكسیة للنص القدیم، وربما عارض الشاعر بیتا فی قصیدة كاملة، أو قصیدة بقصیدة. ویتبدى غلبة معارضة الشاعر الیمنی للقدیم من الشعر على التضمین والاقتباس. فی الوقت الذی خلا فیه التضمین الشعری من التراث من الفعالیة والتأثیر فی النص المعاصر لدى بعض الشعراء إذ أتى شاهداً فحسب، باستثناء بعض التضمینات التی تواءمت مع التجربة فی النص وخدمتها لدى البعض الآخر. وكما طالت ذاكرة الشاعر الشخصیات الأدبیة واحتفت بها شعریا لم تنس شخصیات التاریخ المحلی والتی توفر وجودها فی شعره بشكل لافت مثل شخصیة: المطهر بن شرف الدین، عمارة الیمنی، وضاح الیمن، القردعی. وهی شخصیات تمتزج ملامحها بالطابع المحلی والأدبی. ولأن الیمن جزء لا یتجزأ من الوطن العربی والإسلامی الكبیر فقد راح الشاعر الیمنی یفتش عن الشخصیات التی تركت بصماتها فی تاریخ أمته، وكان لها دورها وموقفها الریادی والإیجابی؛ وفی الوقت ذاته استدعى شخصیات الدور السلبی فقد وظف من شخصیات النوع الأول شخصیات: حمزة بن عبد المطلب، وعلى بن أبی طالب، وعمار بن یاسر، وعقیل بن أبی طالب، والمعتصم، المثنى بن حارثة الشیبانی. ومن شخصیات النوع الثانی شخصیتا: عبد الله بن أبى بن سلول، أبا جهل. ومن الشخصیات التی استدعاها الشاعر الیمنی المعاصر فی شعره الشخصیات الإنسانیة الأجنبیة مثل : بلفور، دوس ثعلبان، ذی جدن، ستالین، فرانكو، نابلیون، ولیزورك. ولا یتجاوز توظیف هذه الشخصیات الإشارة السطحیة إلیها. ومعظم توظیف الشاعر الیمنی لهذه الشخصیات هو استدعاء ولم یرتق إلى مستوى التقنع عدا بعض الاستثناءات فی تقنع المقالح ومحمد عبد السلام منصور والبردونی فی بعض تقنعه. وقد صاحب استدعاء الشخصیات والتقنع بعض القصور عن تمثل التجربة مثل: فی حالات القناع ، نطاق القناع فی بعض الحالات بصوت العصر؛ وهو ما یبنی سیطرة الذات على الموضوع. فی حالات الاستدعاء غلب الحوار مع الشخصیات المستدعاة، وكثر استدعاء أكثر من شخصیة فی النص الواحد، مما أحال بعض النصوص إلى وثیقة تاریخیة فقدت فنیتها. وقد انعدم التقنع بالشخصیة الأجنبیة، وقل استدعاؤها وبدا توظیفها إشاریا وركیكاً. ومما رافق استلهام الشاعر الیمنی للشخصیات الأدبیة والنصوص الأدبیة والتاریخیة استلهامه الأحداث التاریخیة والذی تبلور فی توظیف أحداث الرعب والخوف مثل حادثة التتار التاریخیة، واستیطان فلسطین، والثورات والحروب، وتناوله الشاعر من خلال ذكر شخصیات الثورة والثورات ونكسة حزیران، وحدث النصر وجلاء المستعمر، وأحداث الكشف عن المجهول مثل قصة سبأ وكشف الهدهد عبادة سبأ وقومها للشمس. وتوظیف الأحداث التراثیة لدى الشاعر الیمنی المعاصر قلیل إذا ما قورن بغیره من مضامین التراث الأدبی والتاریخی. تبدو العلاقة جدُّ وثیقة بین الشاعر وبین التراث الشعبی بما فیه من أغنیة وحكایة ومثل؛ وهی علاقة تحكمها طبیعة الشعر ذاته التی تجنح نحو المجهول والتهویم فی الغیبیات واعتبار الغناء صورة من صوره، والتزامه أسلوب الحكمة والإیجاز فی القول، منذ كان الشاعر الأول یعتبر الشعر إیحاء الجن وینشده على وقع حوافر الخیل ولما للغناء من تأثیر على النفس الإنسانیة والغناء الشعبی منه على وجه التحدید لاقترابه من سجیة البساطة، فقد لجأ الشاعر إلیه؛ والمجتمع الیمنی یتمیز بتراث غنائی شعبی ملئ بالخصوصیة وهو ما جعل الشاعر الیمنی المعاصر ینحو إلى التعبیر به. فقد یستوحی حكایة تدور حولها أغنیة مثل "الدودحیة" عند البردونی، وقد ینسج قصیدته على نوع من الشعر الشعبی الصرف كالحمینی فتأتی لغة القصیدة – كاملة – لفرعاً من الغناء. وقد یقف توظیفه للأغنیة حد الاقتباس من الأغانی الشعبیة أو التضمین من أغانی الریف. بید أن التضمین قد یأتی معزولاً عن نسیج القصیدة وهو بخلاف التضمین الذی تتخذ منه القصیدة محوراً تنهض علیه القصیدة. وهناك تفاوت فی توظیف الأغنیة بین الشعراء -والتراث الیمنی – كذلك – ملیئ بالقصص والحكی الشعبی الذی أصبح مادة ثریة للشاعر الیمنی وهی ترتبط ارتباطا وثیقاً بالسیرة الشعبیة. وقد وظف الشاعر الیمنی الحكایة الشعبیة شخصیاتها وأبطالها ومغازیها الأسطوریة، مثل توظیف شخصیة السندباد، سیف بین ذی یزن، وضاح الیمن. وقد اكتسب شعر الشاعر الیمنی باستدعاء شخصیات الحكایات الشعبیة بعدین: أولاهما: تمثل الموروث فی الحكایة الشعبیة بشخوصها. ثانیهما: تعانق الزمنین الماضی والحاضر، وتوحد معاناة الشاعر فی الواقع- زمن التجربة - والشخصیة الحكائیة فی الزمن التراثی، وقد ورد على قلة توظیف أبطال حكایات شعبیة مثل شهریار وشهر زاد، شمشون الجبار، علاء الدین (صاحب المصباح) وبلقیس الیمن. ووردت فی شعر الشاعر الیمنی المعاصر إشارات لأبطال الإلیاذة (أخیل ، عولیس ، تلیماك ) أودیب. ومن أبطال الحكایة الخرافیة بجمالیون، ومن الحكی الشعبی المفرق فی شعبیته ذو نواس. وهكذا فقد كانت رموز الحكایة الشعبیة مجالاً خصباً للشاعر الیمنی یجد فیها من ملامح البطل ما یعكس رؤیته ویبلور تصوراته. وقد استفاد الشاعر – أیضاً- من أسلوب القص فی الحكایات ومفتتح هذه الحكایات مثل : كان یا ما كان . ویقل استخدام التراث الشعبی الحكائی لدى بعض الشعراء ومن عیوب تمثل التراث الحكائی فی الشعر الیمنی الاعتماد على توظیف أبطال الحكایات وشخوصها الرئیسیة وهو أكبر عیب إذا غضینا الطرف عن المقصد من توظیف أبطال الحكایة بتركز المغزى فى أبطالها، ولم یتجاوز استخدام الحكایة لدى بعض الشعراء الإشارة الملفتة للحكایة فحسب وإلى بعض الشخوص فیها، أو الثیمة فیها، ویعتبر توظیف الحكایة الشعبیة الأكثر بین عناصر الموروث الشعبی: الحكایة والأغنیة والمثل. ولإدراك الشاعر الیمنی المعاصر للقیمة الأدبیة فی الأمثال باعتبارها رافداً تراثیاً حیث وظف الكثیر منها فی أشعاره وقد حظیت بعض الأمثال بعنایة الشاعر لارتباطها بالوجدان الیمنی ومن هذه الأمثلة : تفرقوا أیدی سبأ، یأكل على سفرة معاویة ویصلی خلف على، رضیت من الغنیمة بالإیاب، تموت الحرة جوعاً ولا تأكل بثدییها، فی الصیف ضیعت اللبن، فلان عنده مرایة النسور، یبكی دما، یذوق العلقم. وبعض هذه الأمثلة عربی فصیح ومن الأمثلة العربیة أیضا مما جاء فی شعر الشاعر الیمنی: هذا الشبل من ذاك الأسد، الرجال صنائع النساء. وأخیرا فإن ما یمكن استخلاصه بإیجاز من هذه النتائج التی خرجت بها الدراسة أن الشاعر الیمنی المعاصر رأى فی التراث مادة طیعة لتجربته وأسلوبا یجدد به إبداعه ولهذا اتجه نحو التراث واستلهمه فی تجربته وقد جاء هذا الاستلهام للتراث صائباً وموفقاً فی بعض حالاته سواء على مستوى اختیار المادة التراثیة أو الشخصیة أو الأسلوب وربما اعتور توظیفه لبعض عناصر التراث بالتشابه مثل انكبابه على استلهام الشخصیات فی جل توظیفه للتراث وقد بداً ذلك فی رجوعه للتاریخ ونهله من شخصیاته الأدبیة والتاریخیة بما فیها من محلى وعربی إسلامی وأجنبی، وفی شخصیات الحكایة الشعبیة وشخصیات الأحداث. وهذا الأمر الذی وضع الدراسة فی تشابه بعض تناولاتها وتكرار الشخصیات هنا وهناك وهو أمر واقع ربما لم یستطع الباحث تداركه لكثرة استلهام التراث الشخصانی - إذا جاز التعبیر - لدى شعراء الیمن المعاصرین. وما یجدر الإشارة إلیه هو علو نسبة عنصر من عناصر التراث فی توظیف الشاعر الیمنی على عنصر آخر وهو ما أفضى بدوره إلى كبر حجم مبحث على آخر فعلى سبیل المثال كثافة استخدام شخصیات وإشارات الحكایة الشعبیة على المثل.
لم يكتب اسم كاتب المقال (ممقول من : www.balout.net/post/1427)
+ نوشته شده در ۱۳۹۱/۰۴/۲۰ ساعت 18:48 توسط دكتر علي ضيغمي
|